لهفي على قرطبة في المساء و
صدى الموشحات الخالدة يرحل بين أزقتها و حواريها القديمة و الظلام يخفي همسات العيون العاشقة التي طالما
اختلست النظرات من شرفاتها
الفاتنة و النسمات الباردة تداعب أشجار الزيتون الناعسة و جامع قرطبة العظيم يبدو كمنارة وسط بحر من الظلام... لك الله من مودع
يغص بكلمات الحب و هو يهم بالرحيل
... لك الله من عاشق هام بمساء قرطبة الحزين ... لك الله من قلب يتفطر حبا كل آن وكل حين.
للمساء في قرطبة رائحة
الماضي ممزوجة بأصوات الراحلين الذين ذابوا بين صخور المدينة و أشجارها بين نفحات فجرها وسكون ليلها بين
جبالها و سهولها بين ورودها
و رياحينها بين نخيلها و زيتونها ... ولكن عندما يلبس المساء ثوب الوحشة و الوحدة ترن في مسمعك صدى
أشعارهم و أغانيهم و سهرهم و لهوهم و غزلهم وضحكهم فلا تملك سوى الترحم على أرواحهم.
لجامع قرطبة في المساء سكون
غريب لا يمكن وصفه و هيبة تحملك على البكاء
... جدرانه الخارجية فيها من تجاعيد الزمان و دموعه الشئ الكثير ... على بواباته ماتت آلاف الخطوات التي كانت تغشاه ليل
نهار للصلاة ... و في محرابه نفحات و جلال و خشوع ما زالت تسكنه و لا تكاد تبرحه
ما يشدك في تصميم الجامع
ذلك التناغم الساحر بين الأقواس التي تربط بين الأعمدة المختلفة و جدران المسجد التي تضم زخارف إسلامية متقنه
و الضوء الذي يتسرب
إليه بشفافية و نورانية غاية في التأثير يلامس شغاف الروح فتحس بروحانية مبكية.
قرطبة و جامعها قصة عشق خالدة
و رواية لا تنتهي فصولها ... زيارتي القصيرة
تركت في انطباعا جميلا و رغبة أكيدة بالعودة مرة أخرى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق